ندوة صحفية للرئيس الفرنسي برأس واحد بالرباط // عمود



        محمد الزيدي TANJERINA NEWS
ندوة صحفية للرئيس الفرنسي برأس واحد بالرباط

مالاحظته خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمغرب ،وبالضبط خلال ندوته الصحفية بالرباط في أعقاب ختم زيارته ، هو غياب العاهل المغربي محمد السادس ،عن الندوة المذكورة ،مما رسخ بشكل قاطع استمرارية العاهل المغربي في ابتعاده عن المحيط الصحفي بل وتلافي كل لقاء معهم ، عكس الملك الأردني عبد الله الذي حضر بجانب أوباما الرئيس الأمريكي خلال زيارته للعاصمة الأردنية مؤخرا.
تأويلات عديدة تناسلت هنا وهناك بسبب هذا السلوك الملكي الغير مفهوم ،لأنه جارتنا إسبانيا هي بدورها ملكها خوان كارلوس لايحضر الندوات الصحفية بجانب رؤساء الدول الذين يقومون بزيارت رسمية لإسبانيا بدعوى أنه غير معني وطبيعة النظام السياسي ببلده تقتضي ذلك ومن يكون معنيا في هذه الحالة هو الوزير الأول الإسباني ،ورغم التعديلات الدستورية الهامة في المغرب ، نتيجة للضغط الشعبي ،والتي بموجبها منحت للوزير الأول ومؤسسته صلاحيات كبرى كان في القديم يقوم بها الملك ،ورغم ذلك ظل الوزير الأول في مربعه القديم ،يؤثث البلاط الملكي ،دون امتلاكه لزمام المبادرة.

أكثر من هذا،في تعامل العاهل المغربي مع الصحفيين ،فجل الصحفيين الذين حضروا أو أحضروا لمواكبة الزيارة الرئاسية الفرنسية للمغرب ،استقدمهم الرئيس الفرنسي نفسه  لابالنسبة للفرنسيين فقط ولكن حتى بالنسبة للصحفيين المغاربة ،وهذا ماسبب تضليلا إعلاميا ماكان ليحصل لو حضر الملك الندوة الصحفية وتجشم طاقمه الصحفي ومعاونوه في الاتصال والإعلام ،وعلى سبيل المثال كممارسة تضليلية وتشويش إعلامي ماتردد خلال الندوة الصحفية هو سماح المغرب للطائرات الفرنسية بعبور الأجواء المغربية في بداية التدخل الفرنسي في مالي ،إذ كيف يتسنى لبلد مثل فرنسا يملك قواعد عسكرية تقريبا في جل الدول الإفريقية العضوة في منظومة الفرانكفونية أن يطلب من المغرب مساعدته ولو لوجيستيكيا ،هذا لايصدقه أحد ،بل وجر على المغرب احتجاجات من طرف الوهابيين المتشددين وممثليهم.
ومما زاد التضليل الإعلامي ضلالا هو ترديد الإعلام الأحادي المغربي الغير ديمقراطي أن فرنسا تؤيد طروحات المغرب فيما يتعلق بمقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء ،وهذا ليس صحيحا ففرنسا تتشبث بالحل التفاوضي ليقرر الشعب الصحراوي مصيره وفقا لقرارات الأمم المتحدة فكما هوثابت في الدبلوماسية الفرنسية العريقة هو تعلقها بقاعدة التوازن في علاقاتها الدولية مع سائر الأطراف نورغم محاولات الإعلام الأحادي المغربي الغير ديمقراطي إيهامنا بأن فرنسا صديقة مخلصة ووفية للمغرب دون غيره فهذا ليس صحيحا ففرنسا تدرك وهي تتصرف حجم الحساسيات الإقليمية والثمن الذي يمكن أن تؤديه كانحيازها لطرف دون الآخر،فالمصالح تبنى دائما على التوازن.
ومؤخرا سمعنا فيما يتعلق بالصحراء الغربية وليست المغربية كما تحاول شتى وسائل الإعلام الفرنسية سمعية وبصرية ومكتوبة أثناء إبرازها بالخطوط وليست كخريطة واحدة ،هو قيام لجنة روبير كيندي الأمريكية لتقصي الحقائق الحقوقية والإنسانية بالصحراء وكذلك إيفاد نواب برلمانيين من الاتحاد البرلماني الأوروبي لزيارة الصحراء في نفس السياق مما يشكل ضغطا كبيرا على المغرب لإيجاد حل ما في تلك البقعة ،وإذا كان الإعلام الأحادي قد سرب في الآونة الأخيرة الإنجاز الجبار على الورق بطبيعة الحال وهوالمخطط التنموي أو مارشال للأقاليم الصحراوية ،لكن ماجاء في قائمة التعيينات الرسمية التي تمت مؤخرا والتي ظل الملك يحتفظ بها هو تعيين السيد شكيب بنموسى والذي كان يرأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو العقل المدبر للمخطط التنموي سالف الذكر عين سفيرا للمغرب في فرنسا ،وهذا لايعني سوى أن مسؤولينا المحترمين أصبحت لديهم قناعة راسخة باستحالة تنمية الصحراء على شاكلة صحاري الإمارات العربية المتحدة كدبي فالصحراء على طول تاريخها وستظل مكانا للتهريب وسيادة الفوضى وعبور قوافل الرحل ضمن مناطق شاسعة جرداء لم تعرف في يوم ما تجمعا مدينيا ولاحضاريا بالمفهوم الروماني الإغريقي ومن الصعب تطبيق مفهوم السيادة كما هو متداول عندنا في الصحراء فمبدؤهم حيث يوجد الكلأ انصب خيمتك ودق وتدك وحاليا استبدل الكلأ بالبضاعة والمخدرات وتجارة السلاح وخطف الرعايا الأجانب لمقايضتهم بالمال.
وإذا اضفنا لهذه المثالب التي تعيق كل تنمية بالصحراء بل وكل حل سياسي لايراعي جوانب الفوضى التي تطبع الشخصية الصحراوية ،فالصحراء كذلك لاتعد ولاتصنف كجنة ضريبية حتى ياتي لها المال للاستثمار فهي كسائر بقع المغرب يرتع فيها بعض المحظيين والموصى بهم خيرا والباقي يعانون من البطالة وضيق الأفق وقبر مبادرتهم وتثبيط هممهم وتيئيسهم عبر وسائل عديدة كالمخدرات والإجرام والدين الوهابي والانتظارات اللانهائية.
كانت أشياء عديدة ستطرح أثناء الندوة الصحفية للرئيس الفرنسي لو حضرها الملك.فالكل كان متشوقا لمشاهدة ومناقشة الملك في جل القضايا التي تشغل بال المغاربة من عدم شمولية الربيع العربي للمغرب وتصوره لمستقبل الأمازيغية بل وكيفية رده على التيار الياسيني الذي لايخفي ميولاته الجمهورية.

         

تعليقات

المشاركات الشائعة