3


        ولكنه سمع من لدن بعض أصدقائه،الكازويين، أن المدينة القديمة،يوجد بها ماخور،ورغم ذالك ،فإن طول مدة غياب الرجال في الأسفار والرحلات البحرية،يفت من صبر النساء،على اشتياقهن،للنوم مع رجالهن في الفراش.،وبعدما بسمل واصل سيره،ومر بسوق الصياغين،حيث يوجد حانوت الدقاق اسحاق الخوخة، إنه الوحيد الذي يبيع في الذهب الفيكتوري واللويز الفرنسي،لم يكن أمامه مهرب،من تقديم التحية لإسحاق :
ـ السلام.
وردعليه اسحاق في اندهاش:
ـ شالوم، مرحبا.
ودلف الكازاوي إلى المحل، مصافحا بحرارة،داعيا له بالتيسير والرواج،ثم قال له :
ـ سمعت أنك ولد الحزان موشى، حزان اليهود في الدار البيضاء.
واندهش اسحاق من دقة معلومات زائره،ثم أصدر زفيرا وتنهيدة،وحرك رأسه بالموافقة،وبعد صمت لثوان، أصدر آهة من آهات لا يعرفها إلا العشاق اللذين خبروا مواجع الغرام ،ثم قال له :
ـ ويحك ، أنت من كازا! بلاد حبي الأول،كنت مغرما بيهودية كازاوية،وأضاف وعيناه مغرورقتان بدمع ساخن:
ـ لقد تزوجت فرنسيا ، وهاجرت معه نحو كندا.اسمها حازيقا.وفي هذه اللحظة ،بدأت الدموع تنهر من عينيه كما الشتاء.وقال بصوت متهدج:
ـ حازيقا ، حازيقا خائنة ، لن أسامحها، ثم تنهد،في وقت كان الكازاوي يربط بيده على كتفه ،ويدعو له بالصبر، ثم ودعه وخرج بسرعة نحو السوق البراني ، الذي لا يبعد سوى أمتار عن حانوت الدقاق إسحاق.
كان سوق دبارا مازال مملوءا بالقرويين البرانيين،اللذين يفترشون الأرض ، لعرض منتوجاتهم ، من بيض وجبن وشنايل وقفوف مصنوعة من الدوم، إلى جانب عدد من عقود التين الجاف،وعراريم حبات الزيتون الأسود المملح،ناهيك عن دزينات البيض البلدي،وبجوارها الفراريج المقيدة.
كان الأهالي يلتفون حول القرويات البائعات،كخلية نحل،يساومون ويناقشون الأسعار، والقرويات يقسمن بأسياد البلد من مثل سيدي بوعراقية وسيدي المخفي وسيدي بوقجة ،أنهن صادقات في الثمن،بأن الفروج مازال فتيا،وبأن الدجاجة مازالت عتوقة،وأن تينهن الجاف خال من الدود.
" هؤلاء القرويات لهن خدود كالتفاح الفرنسي، وجلدهن يبرق كأنه خليط من الحليب الممزوج بلون حبات الرمان..ماأروعهن!!" هكذا كان يعلق أحد المجانين ، الممسوسين بحب عايشة قنديشة، وأثناء شطحه بألفاظ غير واضحة ، مر بجواره محتكا المسيو غليموـ بانسو (47 سنة) البلجيكي ،المكلف بالأمن، كالعادة يتبعه كلبه الذكي والشرس،وبدا مسيو غليمو منهمكا في حديث أمني ، إلى منحدر إسباني والذي لم يكن يخفي تذمره من تفاقم ظاهرة تهريب السجائر،لكن الكوميسير البلجيكي كان دائما يرك رأسه بالنفي ويقول للإ سباني"ـ في عهدي انخفضت نسبة التهريب من 19.56 % إلى 7.2% " وكان يضيف :"ـ صحيح أن طنا من سيغار كوبا،هرب إلى مخازن المدينة،لكن كما تعلم،السيغار لايصنف ضمن السجائر المحظورة، فهو بذخ أريستقراطي، وتستغله وتطلبه السفارات الأجنبية الموجودة في طنجة ."
 4

تعليقات

المشاركات الشائعة