عندما كتب محمد شكري وبول بولز في مجلة THE NEW YORKER // أدب وصحافة
محمد شكري وبول بولزكتبا في المجلة THE NEW YORKER
بقلم ::محمد الزيدي kalamoukoum
طنجة | 6 شتمبر|2011
كانت طنجة مدينة حالمة ،غاصة بكل دين وملة ،يقصدها الرجال العطاشى ، ليشاهدوا أحلامهم تحولت إلى حقيقة ،فقبل أن يتحول الزكري ،من مدشر الحي الجديد ، ويصعد إلى قرية نوينوش ، كان الممسوخ ، ينام في حضن أمريكية عجوز ،استوطنت مؤخرا بحومة دار البارود ،وتدعى باربارا،لما تزوجت في لوس انجيلوس ، اكتشفت أن من تزوجته لم يكن سوى سكيرا عربيدا ، يأوي كل يوم عند مقتبل الفجر،لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة ،فأحرى أن يقوم بأبجديات الغرام ، تعودت وسئمت بالفعل ،عندما ينهض عند الظهر، ويشرع في ترديد الأسطوانة : لن أعود يابربرتي إلى العب من الكؤوس ،" لم تعد تحتمل هذيانه " ، كانت المرأة مدمنة على قراءة المجلة الأمريكية الطلائعية ذي نيويوركر، تقراها بصفة منتظمة ، خصوصا قصص ومقالات بول بولز، والتي كان يترجمها عن كاتب غريب الأطوار محمد شكري ، وفي بعض الأحيان نقلا عن كاتب مغمورآخر، يدعى محمد المرابط وهو لم يكن متعلما بل كان يملي قصصه وحكاياته بالدارجة المغربية ،طبعا كل أجواء الحكي كانت تتم وسط طقوس تدخين الحشيش ، لذى لانتعجب من ذكر باكورة هذا الكاتب كانت تسمى رواية المحشش .
وبما أن باربارا لم تكن امرأة تقليدية ، تغسل الأطباق ،وتشتري تموين المطبخ من عند البقالة ،فإن الأحاسيس بداخلها ،كانت تنبهها إلى أن زوجها أصبح عنينا من جراء إفراطه في تناول الكحول ،وكان الخيال الممزوج بأكاذيب الألفاظ والمبالغة ، وحتى الغرائبية ، من خلال المجلة الأمريكية ذي نيو يوركر وعبر الكتاب الثلاث محمد شكري وبول بولز ،ومحمد المرابط تدغدغ خيالها إذ قر عزمها على المجيئ للمغرب ، وتستقر في مدينة طنجة بالخصوص ، فهي لاتصدق مايكتبونه ، خصوصا رواية الذكر السيامي ،فهذا رجل لم يكن سياميا ، بل فقط يوجد عنده إحليل مضاعف بثقبين ،وهذا ماكانت النساء في الغرب يتطلعن إليه ، وقررت العديدات زيارة طنجة لاكتشافه،هي لم تصدق بطبيعة الحال ، ولكنها قررت في النهاية المجيئ لطنجة والعيش فيها ،وفعلا ذلك ماحصل .
عاشق لامرأة لاترتدي التبان :
هكذا كانت ،متوسطة العمر ،حرشة العينين ،مستديرة النسغين ،لها مؤخرة إذا أقبلت وادبرت تهتز اهتزازا،فلجة في الأسنان، سوداء الشعر كحيلة العينين ،تفاحية الخدود ، قال عنها الحمدي الخمار:
ـ إنها كغاز البوطان شديدة الاشتعال ،من فرط جمالها وحسنها وبهائها .
ولكن سرها الأبدي تلك الرائحة التي تنبعث من تحت تنورتها ،رائحة لاتوجد إلا عند الزنجيات ، وهي لاعلاقة لها لابالزنج ولا ببلادهم ،فهي من شمال المغرب وأكثر من هذا من ساكنة قرون الجبال ، صافية البشرة شديدة البياض ، هناك حكاية تقول " ربما أصولها الجينية التكوينية تعود لفترة المنصور الذهبي لما قام بفتح بلاد السودان ،وأحد أجداد هذه الفتاة ربما يكون قد نكح زنجية هناك ، ولما حملت منه أبى أن ينتظر حتى تلد فلما ولدت من ضاجعها حمل مولوده وعقب راجعا لمراكش ،هذا تفسير فقط من بين عشرات التفاسير" ومختصر القول أن صاحبها وعشيق ( البورمة ) كما كانت تسمى في المدينة كانت هذه الرائحة تروقه ويقول لأصدقائه :"لااجد تفسيرا منطقيا لذلك ،رغم الدوخة الخفيفة التي تنتابني من جراء استنشاقها ، غير أني بعد مرور قليل من الوقت حتى أحس بحبوري قد عاد إلي أكثر من أي وقت مضى ،هي بالنسبة له كإكسير الحياة "
باربارا مغرمة بكل ماهو طويل :
لما اقتنت قصرا ب ( أمراح) وأسمته رياض الشيخ ،بدا بعض الطفيليين يكتشفون فيها ميولات جنسية شبقية ،فالمراة صناعة أمريكية هوليودية محضة، وتموت في الرجال لا كأجسام محنطة بل كآلات فلاحية ، تبلي البلاء الحسن في الأراضي الفلاحية المنسية ،فبمجر استقرارها في مدينة ابن بطوطة حتى بدأت تصغي للحكايات المتناسلة ، وتلقي أسئلة على الحكواتيين مهتمة بالتفاصيل وبدقائق الأمور،ومن أغرب ما حكي لها أن رجلا كانت له لحية طويلة وطويلة جدا ، حتى أنه كان يشطب بها الأرض ، والرجل بالإضافة للحيته كان بارعا في النحو العربي بل ويعد مرجعا لايشق له غبار في هذا العلم ، حتى بز سيبويه أحد مؤسسي هذا العلم في دنيا العرب ،ومن النكت التي تشاع عنه أنه لما كان ينام بالليل ، كان يضع لحيته الطويلة في كيس ويغلق عليها بخيط ، وذلك حتى لاتتلوى على ثديي زوجته أو حلمة من حلماتها فتقطعها ،ولكنه في إحدى الليالي وصل به التعب أقصاه ،وتشاجر مع زوجته ،التي نامت في غرفة مجاورة ،وعندما غرق في سبات عميق تلوت لحيته على إحليله فقطعته إربا إربا ،وصار يتبول من خلال ثقب ،بعدما عرض نفسه للإستشفاء مدة طويلة ، ومع ذلك لم يحلق لحيته ، بل تركها ـ على سجيتها ـ حتى يستر بها نفسه في الحمام العربي الجماعي، تحسرت بربارا على الشيخ الملتحي وما جرى له ،بل اثنت على وفائه للحيته رغم غدر الزمان به .
كانت بربارا تلح على القصاصين أن يتحفوها بقصص منقولة من الوسط الفلاحي ،فهي قصص عارية عن التصنع والتكلف ، ولم يعتريها بعد ما تعرفه المدن من بدع ، فنكاح الفلاحين هو كنكاح دوابهم وماشيتهم ، قوي وفصلي كعادة الحمير والخيول ،وتلعب فيه الروائح دورا بارزا، وكذلك النباتات والبرسيم الذي يلتقطونه من الأرض ،غالبا مايكون مهيجا جنسيا ،ويحكي لها الممسوخ الذي أصبح ينام معها في فراشها أنه اشتغل قبل أن يدخل مدينة طنجة في الأربعينات ، راعيا للغنم والمعز في مدشره بملوسة ، وصادف وهو يرعى كسيبته في البراري ثلاثة جنود إسبان من لواء التريسيو المتنقل وذلك وهم يقومون بالحراسة في خندق من الخنادق المحفورة ينامون داخل خيمة بالتناوب ،وعندما تأخرت عنهم عد ة التموين كلفوا أحدهم بالذهاب لسوق مجاور لكنه بعيد ، ولم يعد بعد ،وخشي الجنديان الباقيان إن أرسلا آخرا ربما يتعرض من بقي حارسا بجوار الخيمة لاعتداء المهربين والمهربات اللذين يهربون الويسكي من سبتة إلى طنجة ، لذا طلب الجنديان من الراعي مدهما بقليل من الخبز والمؤونة حتى لايموتا من الجوع وإن عاد صديقهما بشيئ سوف يعوضانه ،لكنه امتنع عن تلبية طلبهما بدعوى أنه لايتوفر على فائض وليس عنده مايكفي ، وهو مستعد لمنحهما مايريدان شريطة نكحهما ،فقبلا على الفور، وكان كل مازودهما به ربع خبزة مع حبات زيتون أسود .
ضحكت بربارا حتى استلقت على ظهرها ،وبدا شعر من تحت تنورتها إذ كانت بدون تبان بدورها .
مجلة ذي نيويوركر : THE NEW YORKER
في الستينات من القرن الماضي لم يكن الكاتب محمد شكري سوى معلما في مدرسة بأحد احياء مدينة طنجة المهمشة (كاصاباراطا) ،وقبل أن يصبح كاتبا ذائع الصيت كان صديقا حميما ،لبول بولز كاتب أمريكي يهوى اختراق الآفاق ، وفي داخله بركان من المغامرة لايهدأ ، جمعتهما في البداية حانة البيانوالشهيرة حول كأس كونياك،قبل أن تتحول الحانة اليوم بعد غلق أبوابها إلى مقرللإتحاد المغربي للشغل إحدى المركزيات النقابية كفرع نقابي لها في مدينة طنجة ، ثم أصبحا يلتقيان بشكل دوري في حانة رانتش باروفي مقهى كافيه سنطرال،لقد لعب السطيطو دورا بارزا في شد وثاق علاقتهما، قبل أن ينفصلا ويصبحا كل واحد يكتب لدار نشر دولية معروفة ،إن مجلة ذي نيو يوركر كانت ذائعة الصيت في إبانها ،فكتاباتها كانت متمردة وغير أرثوذكسية ،طلائعية كما كان يحلو للكثيرين أن يطلق عليها ، وكانت توزع بشكل كبير حتى خارج نيويورك مدينة انطلاقها ،لم تكن تبزها سوى مجلة أخرى هي الحياة لايف ،هذه الأخيرة وضعت صلب عينيها طبقة صاعدة في امريكا تكره الحرب وتود الاستفادة إلى اقصى حد من المخترعات الأمريكية الترفيهية والأنيقة ،بينما ذي نيويوركر شرعت في فتح غرف تحريرها لكتاب من مستوى أرثر ميلر وتينسي وليمز وبوركز وهذا البول بولز الذ كان غارقا حتى الثمالة في كتابة تكره التقليد وكل ماهو محنط ،لذا آوى إلى جانبه كلا من محمد شكري ومحمد المرابط وفي بعض الأوقات محمد بولعيش الذي في الحقيقة لم يبل البلاء الذي أبلوه الكتاب سالفي الذكر.
حول الكاتب بول بولز يمكنك مشاهدة شريط الفيديو على هذا الرابط :
http://www.dailymotion.com/video/xd5njr_ecrivain-marocamericain-paul bowls_creatiorاتصل بنا:tajerina.news@gmail.com
لاتترك فقط عبورك بل اترك تعليقك وتسجيلك في موقعي الالكتروني هذا هذا سأعتبره تشجيعا منك
ردحذف