القرش الأحمر
القرش الأحمر
بقلم :محمد الزيدي
(1)
أتساءل لماذا الشيخ البرقي ،لايهتم بالجمال،لايتحلحل عن المواضيع التقليدية المطرقة،من مثل مضاجعة المرأة،وهي ميتة.صحيح الكثير من الناس يطلبون فتاويه الغريبة،لقد تعرض مؤخرا لهجوم عنيف من طرف اللائكيين،(حتى أنهم خصصوا له صفحات خاصة في الفايسبوك)،وبشكل ساخر طالبت منه احداهن ان تفضل وتكرم وقبلها من المكان المعروف،فهي تحس بميل نحوه،وبرغبة حثيثة في تذوق عسيلته، هذا ان بقي ،له عسل،فكما هو معلوم لدى الخاص والعام ، أن الشيخ الوقور ،نشأ في حي الصرصار،المخملي،والمؤدي عبرمنحدر سوق الداخل الى المرسى،الشيخ لاتمحى من ذاكرته كيف كانت اليهوديات المتعطشات للحب، بسبب هجرة رجالهن الى سبتة المحتلة،وكيف كن يطلبن منه أن يدخل الى بيوتهن ليقدمن له طاجين السخينة والخبز المقدس،هناك من يروج أنه ربما رضع من يهودية.
قبل أن ينتقل الى كازابلانكا فقيها وواعظا،مرمعوضا أباه في مسجد عرسة القايد اللحيلح، التي لا تبعد كثيرا عن قصر مولاي حفيظ، القصر بيد حكومة الطليان الآن،ولم يعد الآن يد للحكومة الشريفة عليه.بصراحة قبل أن ينتقل الى كازا معززا مكرما جاء بيضاوي ثريا هو وزوجته الى مدينة طنجة، آل الدرقاوي أكرموه وأحسنوا وفادته، واذ ذاك طلب منهم أن يرحل معه البكر الى المعاريف، رفض أبوه في البداية،لكنه سرعان ماتراجع وأذن له في حالة واحدة ، وهي إذا أسلم روحه للباري،وقال أبوه الفقيه المشهور ببومهراز:
- كما تعلمون الشيخ الرمقي قرة عيني.
وأجابه البيضاوي في ابتسامة مستعطفة:
- لكم شقيقه الشيخ الرقيوق، وهو في الكفاية.
بسرعة وبدون تردد أجاب الشيخ بومهراز:
- ممنون لكم، ولكن كما تعرفون الشيخ الرقيوق، متوجه غدا الى بروكسيل.
بدا من الحديث الذي يجري بينهما،كأنه تهرب مقابل إلحاح،ورجاء مقابل تأجيل، وفي هذه الحالة،ما على البيضاوي إلا الخروج الى السوق البراني، وتسوق عشرة ليترو من زيت العود البلدية،لذا خرج مهرولا نحو السوق حتى يلحق بالوزاني تاجر زيت العود المعروف.وهويهم بوضع رجله خارج الباب كانت السماء ملبدة بالسحب ،غامقة اللون،وشرعت زخات مطر خفيف تسقط على جبهته،فجأة ظهرت جارة الفقيه،المعروفة بتبرجها،أحمر الشفاه الصيني ،قوي وصارخ،على شفاهها الغليظتين،وتنورة على غير عادتها فوق الركبتين،حتى بدت بشرة أفخاذها الوردية اللون،إنها مغرية بالفعل ،ولا تقاوم،ووصلت بالفعل الى أنفه ،رائحة عطرها الوحشي،والرخيص،والكيماوي الغير الطبيعي،مهيجة بالفعل،ولاشك هذه حيلة من حيلها،ٌلإيقاع ضعاف الرجال،في شباكها،وتساءل متعجبا:
ياإلاهي،هل لايوجد لهازوج ؟!. ولكنه سمع من لدن بعض أصدقائه،الكازويين، أن المدينة القديمة،يوجد بها ماخور،ورغم ذالك ،فإن طول مدة غياب الرجال في الأسفار والرحلات البحرية،يفت من صبر النساء،على اشتياقهن،للنوم مع رجالهن في الفراش.،وبعدما بسمل واصل سيره،ومر بسوق الصياغين،حيث يوجد حانوت الدقاق اسحاق الخوخة، إنه الوحيد الذي يبيع في الذهب الفيكتوري واللويز الفرنسي،لم يكن أمامه مهرب،من تقديم التحية لإسحاق :
ـ السلام.
وردعليه اسحاق في اندهاش:
ـ شالوم، مرحبا.
ودلف الكازاوي إلى المحل، مصافحا بحرارة،داعيا له بالتيسير والرواج،ثم قال له :
ـ سمعت أنك ولد الحزان موشى، حزان اليهود في الدار البيضاء.
واندهش اسحاق من دقة معلومات زائره،ثم أصدر زفيرا وتنهيدة،وحرك رأسه بالموافقة،وبعد صمت لثوان، أصدر آهة من آهات لا يعرفها إلا العشاق اللذين خبروا مواجع الغرام ،ثم قال له :
ـ ويحك ، أنت من كازا! بلاد حبي الأول،كنت مغرما بيهودية كازاوية،وأضاف وعيناه مغرورقتان بدمع ساخن:
ـ لقد تزوجت فرنسيا ، وهاجرت معه نحو كندا.اسمها حازيقا.وفي هذه اللحظة ،بدأت الدموع تنهر من عينيه كما الشتاء.وقال بصوت متهدج:
ـ حازيقا ، حازيقا خائنة ، لن أسامحها، ثم تنهد،في وقت كان الكازاوي يربط بيده على كتفه ،ويدعو له بالصبر، ثم ودعه وخرج بسرعة نحو السوق البراني ، الذي لا يبعد سوى أمتار عن حانوت الدقاق إسحاق.
كان سوق دبارا مازال مملوءا بالقرويين البرانيين،اللذين يفترشون الأرض ، لعرض منتوجاتهم ، من بيض وجبن وشنايل وقفوف مصنوعة من الدوم، إلى جانب عدد من عقود التين الجاف،وعراريم حبات الزيتون الأسود المملح،ناهيك عن دزينات البيض البلدي،وبجوارها الفراريج المقيدة.
كان الأهالي يلتفون حول القرويات البائعات،كخلية نحل،يساومون ويناقشون الأسعار، والقرويات يقسمن بأسياد البلد من مثل سيدي بوعراقية وسيدي المخفي وسيدي بوقجة ،أنهن صادقات في الثمن،بأن الفروج مازال فتيا،وبأن الدجاجة مازالت عتوقة،وأن تينهن الجاف خال من الدود.
" هؤلاء القرويات لهن خدود كالتفاح الفرنسي، وجلدهن يبرق كأنه خليط من الحليب الممزوج بلون حبات الرمان..ماأروعهن!!" هكذا كان يعلق أحد المجانين ، الممسوسين بحب عايشة قنديشة، وأثناء شطحه بألفاظ غير واضحة ، مر بجواره محتكا المسيو غليموـ بانسو (47 سنة) البلجيكي ،المكلف بالأمن، كالعادة يتبعه كلبه الذكي والشرس،وبدا مسيو غليمو منهمكا في حديث أمني ، إلى منحدر إسباني والذي لم يكن يخفي تذمره من تفاقم ظاهرة تهريب السجائر،لكن الكوميسير البلجيكي كان دائما يرك رأسه بالنفي ويقول للإ سباني"ـ في عهدي انخفضت نسبة التهريب من 19.56 % إلى 7.2% " وكان يضيف :"ـ صحيح أن طنا من سيغار كوبا،هرب إلى مخازن المدينة،لكن كما تعلم،السيغار لايصنف ضمن السجائر المحظورة، فهو بذخ أريستقراطي، وتستغله وتطلبه السفارات الأجنبية الموجودة في طنجة ."
تعليقات
إرسال تعليق